lundi 20 août 2012

أنا و الطاهر وطار ومحطة قسنطينة الجهوية




اتصلت بي صحفية تطلب شهادة عن الأديب الطاهر وطار، في ذكرى رحيله اعتذرتُ وقبِلت الاعتذار لأن الشهادة تتطلب الصداقة و القرب والمعايشة، بينما علاقتي بالطاهر وطار لا تتعدى ندوة أو محاضرة أو حضور أمسية بمقر الجاحظية .
لكن اتصال الصحفية ذكرني بموقف أو لحظة لا انساها وقتها كنت طالبا بالثانوية وكنت قرأت بعضا من أدب الطاهر وطار. اللحظة التي لا أنساها كانت وقت نشرة الأخبار التي كانت تذيعها كتيبة كاملة من الصحفيين ولازلت أذكر بعض تلك الأسماء مثل إبراهيم بلبحري وعبد القيوم بوكعباش و محمد ملائكة و الصالح الذيب هذا الأخير توفي مع مجموعة من الصحفيين في حادث الطائرة المشهور مع وفد من الصحففين كانوا يرافقون الرئيس هوارب بومين في رحلة إلى الخارج
بعد أخبار العاصمة وما جاورها تتحول النشرة إلى المحطات الجهوية: وهران غربا و قسنطينة شرقا
في تلك الليلة كنت أتابع نشرة الأخبار، ليس اهتماما إنما هكذا صدفة، وأنا كذلك تحولت النشرة إلى محطة قسنطينة التي كان يقدمها صحفي يدعى ،دعاس الربيع ، أول ما بدأ أخبار قسنطينة كان خبر وصول الطاهر وطار المراقب بحزب جبهة التحرير، وكان الخبر مرفقا بصور حية عن وصوله إلى قسنطينة بدأ من نزوله من الطائرة وتصريحه داخل المطار ثم وهو داخل محافظة الحزب بقسنطينة .
،لقد أعلن الصحفي دعاس الربيع ، أن جولة الطاهر وطار إلى الشرق الجزائري في إطار مهمة تفتيشية بتوجيه وتكليف من الجهاز المركزي للحزب .
صراحة لم أسأل نفسي وقتها ماذا يفتش الطاهر وطار في قسنطينة ،بل لم يخطر على بالي هكذا سؤال .
لكن فاجأتني تلك الصور وذلك الخبر وحفاوة الاستقبال الذي يكشف أن الطاهر وطار شخصية سياسية كبيرة ومهمة.وليس فقط كاتبا وأديبا كما كنت اعتقد
لقد لازمتني تلك الصورة و لم تفارقني حتى بعد ما واصلت قراءة أدب الطاهر وطار كله، من بابه إلى محرابه.
ولأنني أنتمي إلى جيل ارتوي من ينابيع الأيديولوجيا حتى الثمالة ،كما أنني لازلت مقتنعا أن المعركة الأيديولوجية لم تسقط ولن تسقط وستظل تحرك الفكر و الممارسة، كما تحرك المخيال السياسي و المخيال الأدبي ، ذلك كله يجعلني أقول أن الطاهر وطار كتب رواية جميلة "عرس بغل" أما الباقي من حق الناس أن تسميه ما تشاء لأنه ليس من حقي مصادرة رأي أحد .
حتى بطل رواية" الشمعة و الدهاليز" الذي أعرفه حق المعرفة، كما يعرفه الصديق ناصر جابي أحسن مني .لقد تعرفت عليه بعد أحداث أكتوبر لما أسسنا لجنة التنسيق الجامعية التي كنا نهدف من خلالها حماية الجامعة من الاستقطاب السياسي
لقد كان يوسف السبتي رحمه الله شاعرا ومفكرا على درجة من النزاهة الفكرية والاستقامة الأخلاقية إلى حد التصوف كما كان من الفاعلين و الناشطين في هذه اللجنة ، كما كان فاعلا في جمعية الجاحظية.
هذه الخصال وغيرها التي عرف بها يوسف الستبي جعلته يختلف كثيرا عن صاحب الجاحظية ولا ينسجم معه فكريا ولا يتوافق معه سياسيا
أما " إسناد " البطولة له في رواية الشمعة و الدهاليز فهذا يدخل في باب " récupération"
لكن التاريخ شاء أن يكون الطاهر وطار مؤسس الرواية العربية في الجزائر ويكفيه ذلك فخرا، لأن التأسيس يكون مرة واحدة و إلى الأبد .
 ·  · 

dimanche 19 août 2012

هكذا تكلم مولود قاسم


4