dimanche 23 septembre 2012

هل "نعاير" المريض بمرضه




زار معهد الفلسفة الفيلسوف الشاب الدكتور إسماعيل مهنانة الذي أعرفه منذ كان طالبا بالمعهد ، الجميع يشهد له بالذكاء و التفوق وسعة الاطلاع والطيبة والخجل و الحياء و دماثة الخلق
كنت سعيدا لما أهداني كتابه حول فلسفة هيدغر وهو في الأصل رسالة الدكتوراه التي تقدم بها إلى قسم الفلسفة وكنت من ضمن الحضور أثناء المناقشة ، ولقد أبلى بلاء حسنا أثناء دفاعه عن رسالته الني نالها بكل جدارة و استحقاق، بدرجة مشرف جدا ، وهي أعلى درجة .
اللقاء كان قصيرا وقد تواعدنا أن نلتقي لكن يبدو أن الظروف حالت دون ذلك
أثناء ذلك اللقاء القصير بمعهد الفلسفة كان الفيلسوف الشاب "زعفان بزاف " من بعض المواقف الفكرية لهذا أو ذاك و اليوم على صفحته بالفيسبوك أعاد ذلك اللوم . ولقد وجد من سانده ودعمه الكاتب الشاب شكري شرف الدين .
دائما أقول ، ولازالت مصرا ،أن الفيسبوك ليس قاعةمحاضرات لكن من اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه .
الفيلسوف الشاب كان يتحدث في ذلك اللقاء القصير جدا عن ضرورة "الصدام" مع قوى التخلف وأن لا مساومة معها ولا تنازل قيد أنملة ومها كان الثمن .
قلت يا إسماعيل هذه لها مخاطر كثيرة قد لا تأتي بالنتائج المرجوة وقد تأتي بعكس ما نريد لأن الخوف من الأفكار الجديدة و القوية وغير المألوفة قد يجعل الناس تخاف وتتراجع وتستكين للمألوف
رد الفيلسوف الشاب بالكثير من التهذيب و الأدب قائلا : يا أستاذ هذه تعد نوعا من الارستقراطية الثقافية التي يختفي وراءها الخوف من المجابهة .قلت يا إسماعيل هذه ليست أرستقراطية هذا ،إن صح التعبير ،" تكتيك" فكري لأننا نريد أن نكسب الجماهير ولا ننفرها لأن الجماهير لازلت في معظمها متدينة ولازالت في الكثير من الأحيان ،حتى وهي تعبر عن تطلعاتها إلى الحرية و الديمقراطية و السيادة والاستقلال ،تعبر عن ذلك كله في إطار الفكر التقليدي لأن الجماهير لم تكتسب أيدلوجية عصرية ولم تجد من يعلمها ذلك ، لهذا ظلت تعبر حتى عن بعض القيم العصرية في إطار الفكر التقليدي .
ولنا أسوة حسنة في تورثنا العظيمة التي كانت ثورة ضد الاستعمار و
الإمبريالية والرأسمالية الفرنسية ،كل ذلك تم في إطار فكرة الجهاد و الاستشهاد و الشهادة وفي ظل هذا الجدل الثوري تحولت كملة "الله أكبر" من مفردة ميتافيزيقية إلى صرخة ثورية على يد الرجال وأسماء الرجال الذين ترجموها في ساحات الوغى إلى قوة مادية كفاحية من أجل الاستقلال والسيادة و السؤدد .
هذا كله يدخل فيما يحلو لي تسميته جدل التراث و العصر حيث القديم في وضع تاريخي محدد يلعب دورا جديدا وينجز مهمة تاريخية جديدة بأدوات تقليدية و مفردات تراثية وطرق عمل قديمة.
لكن يجب ألا يُفهم من حديثي أنه تملق للجماهير و التنازل لها و النزول عند رغباتها ومداراة نقاط ضعفها ،إنما ينم عن ضرورة اكتشاف قوتها وعظمتها حتى وهي تكافح باسم الدين والتقاليد ، من أجل سيادتها وحريتها ، وهذا الجانب متوفر بقوة في ما أصطلح على تسميته بالربيع العربي.الذي يجب ألا يخيفنا لأن الجماهير كما وضحت لا تملك غير ذلك الفكر .
إن الموقف من التراث في حقيقته هو موقف من الجماهير لأنها هي الحامل الحي للتراث الذي يرى فيها البعض شيئا تافها لا يستحق الذكر هذا الموقف في جوهره يعكس احتقارا للجماهير حاملة التراث.
و إذا تمسكنا بهذا الجدل ، جدل التراث و العصر" فإنه من جهة أخرى يمنعنا من السقوط في النخبوية و التعالي و احتقار الجماهير و ممارسة الوصايا عليها واعتبارها قطيع يوظف عند الضرورة
إذا شئنا التشبيه فإن الشعب بخاصة في ظل الوضع التاريخي العربي فهو يشبه المريض الذي لا نعايره بمرضه إنما نعالجه من منه ، ذلك يتطلب الوقت و العناية، كذلك الشعب الذي لم يتعلم في مدارس عصرية و لم يتعلم اللغات الأجنبية ولا محصن بمناهج عصرية يتطلب ان نتعامل معه باحترام شديد لأنه هو صاحب المصلحة الحقيقية في التقدم الرقي و الحداثة العصرنة ولكي تنجز هذه المهمة يتطلب من النخب أن تعمل على تثقيفه وتعليمه وتنويره والارتقاء به إلى مستوى مهام العصر

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire