mercredi 19 février 2014

أنا ومولود حمروش: أو عندما أشار بسبابته إلى "الفوق " وقال

..

كان ذلك في القرن الماضي، نعم في القرن الماضي لما ترشح بوتفليقة إلى الرئاسيات ومعه حسين أية أحمد وعبد الله جاب الله ومقداد سيفي ويوسف الخطيب وأحمد طالب الإبراهيم ومولود حمروش وقد أطلقت عليهم الصحافة آنذاك وصف "الفرسان الستة "
اتصل بي صديق ،وكان من ضمن "ستاف" السيد مولود حمروش، أخبرني أن "سي المولود " يرغب في لقاء جامعيين مستقلين لا انتماء حزبي لهم ،و لقد كلفه بذلك ، وأنه قد اختارني من ضمن مجموعة من الجامعيين المستقلين . .
قلت للصديق مازحا، يبدو أن صاحبك "سي المولود" متأثر ب"الكتاب الأخضر" الذي يقول "من تحزب خان" ،لهذا يرغب في لقاء من لا حزب و لا تحزب لهم .
لم أتردد في الاعتذار للصديق وكان يعلم أنني بعيد كل البعد عن مثل هذه النشاطات السياسية. كما أخبرته أن خضوري قد يسبب له إحراجا لما قد يصدر مني من كلام أو رأي "منفلت" أثناء الحوار .
لكن إلحاح الصديق وإصراره على حضوري جعلني أستجيب لطلبه" مكره أخاك لا بطل"
اللقاء كان في بيته المتواضع جدا ،إلى حد يثير الانتباه ، من شدة تواضعه .لم يكن يختلف عن أي بيت جزائري من الطبقة الوسطى، شكلا ومتنا، مثلا لم نجد فوق الطاولة "بونبونيار" أو زهرية ورد إنما وجدنا فوقها ثلاث "تارموسات" واحدة للقهوة وأخرى للحليب والثالثة للشاي وبجانبهم صينية بداخلها حلويات جزائرية شعبية تتكون من " مقروظ وشاراك" البعض منه مكسي وآخر عريان" أما سلوك وتصرف السيد مولود حمروش فكان سلوكا شعبيا جزائريا خالصا بكل ما تحمل الكلمة من دلالات ثقافية وأخلاقية .
لقد كان هو شخصيا من يتكفل بتقديم المشروبات و الحلويات و ليس زوجته التي لم نرها
استمر اللقاء عدة ساعات كان التركيز على إصلاحاته الاقتصادية. تدخل الزملاء من معهد العلوم السياسية ومن الإعلام حول قضايا مختلفة ،لكن الذي بلى بلاء حسنا ، كما يقال، كان زميلين من كلية الاقتصاد بخاصة أحدهم ،. تحدث بدقة كبيرة عن إصلاحات السيد مولود حمروش أثناء رئاسته للحكومة مبينا الكثير مما شاب تلك الإصلاحات من ثغرات وقدم عدة أمثلة على ذلك.
كنت أتابع الحوار ولم انبس ببنت شفة حتى بدا لي أن السيد حمروش تحرج من صمت هذا الصامت أو" الصامط " الذي لم يفصح عن هويته.
لما اوشك اللقاء على نهايته توجهت إلى السيد مولود حمروش بسؤال واحد، لكن كان لابد من مقدمة على طريقة أساتذة الفلسفة الذين كثيرا ما تستغرقهم المقدمات إلى حد تجعل الناس ينفضون من حولهم ولا يجدون من يحاورنه ولا من يحاورهم .
بعدما شكرته على الضيافة وحسن الاستقبال قلت أن هذا اللقاء يعد نشازا ، يشبه بيضة الديك لأننا في الجزائر لم نتعود على مثل هذه اللقاءات التي تجمع بين الثقافي و السياسي، بل هناك قطيعة حتى لا أقول عداوة بينهما، قاطعني، مؤيدا وموضحا، أنه لما كان على رأس الحكومة "كسّر " هذا التقليد وتعاون مع المثقفين وأسند لهم مهام ومسؤوليات .استعدت الكلمة منه وواصلت حديثي وقلت أن المسألة تاريخية ويبدو لي أن المثقف يتحمل جانبا كبيرا من هذ ا التنافر و العداوة

عدت إلى صلب الموضوع وقلت ،مخاطبا السيد حمروش، أن الزملاء تحدثوا وأبدوا ملاحظات حول الإصلاحات من الداخل ،إن صح التعبير ،لكن هناك جانب آخر وهو أن هذه الإصلاحات سوف تجعلك تصطدم مع قوى لها من القوة و النفوذ ما يجعلها تقف في وجه الإصلاحات وتشكل تهديدا حقيقيا ، وهم طغاة المال و الفاسدون الذين أصبح لهم أحزابا وإعلاما يدافع عنهم وعن مصالحهم كما لهم سند خارجي ،في الوقت الذي تعلن أنك مرشح مستقل بدون حزب قوي يدعمك ولا قوة شعبية منظمة تسندك و تقف إلى جانبك.
وهو ينظر إلي ويستمع بدا لي انه لم يتوقع هذا السؤال ،وما أكد لي ذلك جوابه الذي لم اتوقعه ولم يخطر على بالي، قال بالحرف و هو يشير بسبابته " الفوق أصبحوا يفرقون بين
danger و menace والجزائر اليوم في مرحلة menace ولهذا هم مجبرون على قبول الإصلاحات .
ونحن داخل السيارة متوجهين إلى وسط العاصمة سألني صديقي الذي دعاني إلى اللقاء عن رأيي في اللقاء .قلت له لا أحد ينكر استقامة ونظافة يد السيد حمروش، لكن ما سمعته منه بدا واضحا أنه يغرد خارج السرب ، لأن من أشار إليهم بسبابته ويتنظر منهم الخلاص هم الذين يشرفون على الفساد وهم من يوفرون الحماية للفاسدين، بل هم "الدانجي وهم الموناص ولا يوجد دانجي و لا موناص على الجزائر أكثر منهم".
تذكرت ذلك اللقاء وذلك الحوار مع السيد حمروش و أنا أتابع تصريحاته التي جعلت منها الصحافة اليوم حدثا كبيرا ،أما أنا فقد استخلصت ان السيد حمروش لايزال يشير بسبابته إلى "الفوق 


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire