jeudi 8 décembre 2011

ليس دفاعا عن برهان غليون



                                                                                                    
تصريح برهان غليون للصحافة الأمريكية حول رؤيته  المستقبلية  لسوريا ما بعد نظام الأسد أثارت سجالا واسعا في أوساط النخبة و الرأي العام العربي، كما أثارت وردود فعل مستهجنة . متهمة غليون بتنفيذ أجندة أمريكية  
 ذلك يعود،في تقديري، أن معظم ، إن لم يكن  جميع ،تلك الردود  قد انتزعت جملا من السياق العام والنظرة الإجمالية للمقابلة وجعلتها مقدمات واستخلصت منها نتائج ،صورت برهان غليون وكأنه العدو اللدود للقضية  الفلسطينية و للمقاومة  اللبنانية  ولإيران وللمنطقة بأسرها                                                                                                                                                          
 إن ذلك الاستخلاص، أو تلك القراءة للمقابلة، إن لم تكن  تكشف عنى قصور فكري  و توجيه سياسي، أو تخفي نزعة طائفية، فهي تفتقد للكثير من الاستقامة الأخلاقية.و النزاهة السياسية.  وشرف الكلمة.                                                                                                   برهان غليون في تلك المقابلة تحدث عن مكانة سوريا ، ودور سوريا  ما بعد الأسد، على  الصعيد الإقليمي  و العربي و الدولي ، وكان من الطبيعي أن يتناول العلاقة مع  دول الجوار، لكن في كل ما قاله لم يكن يتحدث باسم مجموعة سياسية  أو سلطة ظرفية، إنما كان يتحدث  بمنطق الدولة العصرية و المصالح العليا لسوريا في المستقبل ومكانتها ضمن المجموعة الدولية ودورها الإقليمي ، منطلقا  من خلفيته الفكرية  فهو أستاذ علم  الاجتماع السياسي  بجامعة السربون  ويدير مركز بحوث  متخصص في الشرق الأوسط  ، كما يعد  صاحب مؤلفات كثيرة  تتركز كلها ،بدون استثناء ،حول المعوقات التي  جعلت حلم بناء الدولة الوطنية بعد الاستقلال يختزل و يتحول على يد العسكر  والطوائف و المليشيات إلى مجرد أجهزة أمنية قمعية  مسنودة  بتحالفات محلية  وإقليمية كرست ودعمت وجودها القمعي.                          لهذا كان من الطبيعي أن يتناول برهان غليون المسألة  برؤية سياسية متقدمة  ومن مستوى  فكري شامل  وعميق 
لم يألفه، وربما لم يستوعبه أصحاب تلك الردود، كما لم يألفه العقل السياسي العربي  المبني على القبيلة و الغنيمة 
و العشيرة . أما حديث برهان  غليون  فكان عن دولة المؤسسات ، وليس المليشيات  والطوائف  و الملل و النحل.                
من هذا المنطلق تحدث عن العلاقة المستقبلية مع إيران ولبنان والقضية لفلسطينية من خلال إعادة ترتيب العلاقات معها بوصفها دولا  ومؤسسات، وليس مجموعات مسلحة ومليشيات ومحاور استقطاب.  ومراكز نفوذ وبؤر توتر.                                                                                                              
لكن  تلك الترتيبات المعلنة كما قال ،تحقيقها مرهون بعودة الجولان ، بل استقرار المنطقة كله مرهون بعودة الأرض المحتلة. وهذا هو جوهر المسألة الوطنية في سوريا ، فلا وطنية و لا شرعية  لأي نظام بدون السيادة الكاملة على ترابه ، وهو ما عبر عنه  غليون بصريح العبارة  للصحافة  الأمريكية   منطلقا من  فهمه لمعنى الدولة الوطنية ، و سوريا التاريخية  التي يريد أن يجعل منها مركزا كما كانت ،وليس ذيلا كما  أصبحت .  
 

                                                  



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire