vendredi 26 avril 2013


الفلسفة  و القبائل الماركسية

إلى الصديق الدكتور عبد الرحمن بوقاف 
مؤسس يوم الفلسفة 

في اليمن السعيد سنة 86 وقعت مذبحة بين "الرفاق " داخل الحزب الاشتراكي اليمني و هو الحزب الذي يتبنى الماركسية اللينينية. الماركسية دليلا نظريا و اللينينية منهجا وتطبيقا . 
تلك الأحداث الدموية راح ضحيتها المناضل الكبير عبد الفتاح إسماعيل وانفرط عقد الرفاق وتطايرت في سماء اليمن كتب ماركس و لينين وتحصن كل رفيق وكل مناضل ماركسي بعشيرته و بقبيلته وأفخاذه وبطونه. 
إذاعة إسرائيل الموجهة إلى العرب، التي كان يعمل بها آنذاك 17 مستشارا متخصصا في علم النفس ،علقت على أحداث اليمن واختارت لها عنوانا مفارقا وتهكميا و"استهزائيا" يقول" معارك طاحنة بين القبائل الماركسية في اليمن" 
في حقيقة الأمر العنوان ليس فيه تحاملا أو تجنيا، إنما كان يعكس حقيقة مرة ويكشف عن مفارقة فكرية كبيرة، بين مجتمع يتشكل من وحدات اجتماعية بدائية ما قبل دولة مثل القبيلة و العشيرة والأفخاذ والبطون، بينما "نخبته" تتبنى نظرية من أرقى النظريات العصرية جاءت لتتخطى الرأسمالية وتتخطى ،بمعنى من المعاني ،الحداثة الرأسمالية وتقترح مجتمعا جديدا يقوم على أنقاض المجتمع الرأسمالي الاستغلالي. 
الحالة اليمنية الموصوفة وعلاقة النخبة بالمجتمع ،هي حالة عربية بامتياز، لها وصف واحد، هو الاستلاب والاغتراب. هذه الوضعية الفكرية حذرنا منها مبكرا في منتصف الستينيات المفكر عبد الله العروي في كتابه اللافت " العرب و الفكر التاريخي " الذي بين فيه أسباب استلاب الفكر العربي الذي يعاني من جوع وعطش تاريخي، إلى الفكر التاريخي ،
لقد لخص العروي الحالة العربية في جملة رائعة لما قال أن" العرب يرفضون ما لا يملكون ويدافعون على ما لا يملكون". العرب رفضوا الرأسمالية وهم لا يملكون قاعدة صناعية ، ودافعوا عن الاشتراكية وهم لا يملكون طبقة عاملة . وهذا لعمري قمة الاستلاب والضياع الفكري.
وهذا ما انتهى إليه مفكر معاصر آخر، الراحل محمد عابد الجابري في نقده للعقل العربي الذي لم يتطور منذ القرن الثالث هجري وظل عقلا اجتراريا تكراريا وآليته قياس الغائب على الشاهد . أما المفكر الراحل محمد أركون فقد دفع بهذه المقدمات إلى نتائجها القصوى لما أعلن أن العرب دخلوا مرحلة تقديس الجهل .
هذا التوصيف للفكر و العقل العربي لا يزال مستمرا إلى يومنا هذا ،لازلنا ندافع على ما لا نملك ونرفض مالا نملك. أين الفرق بين من كان بالأمس في اليمن العشائري القبلي يدافع عن نظرية متقدمة و أرقى ما وتوصلت إليه الحداثة ، وبين آخر اليوم يدافع عن" ما بعد الحداثة" في مجتمع لا يختلف في الجوهر عن شقيقه اليمني، آخر ما ابتدعه هذه الأيام جهاد المناكحة. 
وأخشى إذا استمر العقل العربي على ما هو عليه من استلاب ولم يقع تعديل سريع على بنيته، فإننا سوف ننتقل من الدفاع على ما لا نملك إلى الدفاع على ما نجهل. 
الفلسفات العظيمة التي قامت بأعظم الانقلابات في الوعي البشري،منذ العالم القديم،كانت أجوبة ملموسة عن وقائع ملموسة ،والفلاسفة العظماء كانوا عظماء لأنهم أنتجوا معرفة نابعة من واقع مجتمعاتهم عالجوا بها مشكلات مجتمعاتهم ،من أفلاطون ممثل العالم القديم مرورا بديكارت أبو الحداثة إلى هابرماس ممثل عالم ما بعد الحداثة جميعهم انطلقوا من الواقع الحي الملموس الذي لا يعني إلا نقد "تغول" السياسي على" الفكري". 
هكذا كان أفلاطون فيلسوف أثينا العظيم الذي كان يتأمل ويتألم وهو يشاهد الحضارة اليونانية تنهار على يد ساسة مفلسين وخطباء مأجورين وتجار فاسدين فجاء كتاب "الجمهورية" وهو نظرية في الدولة والمجتمع وجعل على رأس الجمهورية الفيلسوف الذي كان يقصد به الذكاء وليس حامل الشهادة في الفلسفة. 
وهكذا كان أبو الفلسفة الحديثة ديكارت في كتابه "مقالة الطريقة" الذي وجه لكمات قاضية إلى المؤسسة الكنسية وحرّاس شريعتها لما قال أن العقل هو أعدل قسمة توزعا بين البشر. وهذا موقف سياسي وأيديولوجي بالدرجة الأولى و الأخيرة لأنه يرفض الوساطة الكنسية، مادام كلنا سواسية في العقل فلسنا في حاجة إلى توسط الكنيسة وتاليا رفض الامتيازات التي تمنحها هذه الوساطة .
وهكذا كانت مدرسة فرانكفورت النقدية التي فضحت الرأسمالية وتغول الدولة الرأسمالية . 
ليس عيبا أن يعترف العقل العربي بالعجز إنما العيب هو الاستمرار في تقديم وعي زائف ومقلوب ثم يدعي أصحابه أنهم فلاسفة.وهذا الاعتراف"الواعي"بالعجز يتطلب يقظة كبيرة وحذرا شديدا كي لا يكون مدخلا للقوى المعادية للعقل فتجعل منه معولا لتهديم العقل و العقلانية ومن ورائه العصر ومنجزاته . 
إن تخطي الراهن العربي، راهن الاستبداد و الفساد والظلم والطغيان والفقر الإفقار والذل والغبن و الهوان، يتطلب نقدا مزدوجا، وكشف وتعرية وتسمية قوى الفساد السياسي بمصطلحات ومفردات واضحة ودقيقة لا لبس فيها .كما يتطلب التصدي للقوى التي ترفع شعارات وبرامج ومشاريع معدية للعصر و قيم العصر 
بجملة واحدة المطلوب من الفلسفة ،في تجلياتها العربية، فضح وتعرية القوى المختلفة التي أصبحت عطالة تاريخية وعائقا كبيرا في وجه حركة التاريخ ،بعضها وصلت إلى حدودها التاريخية، وهذا جهد سياسي في معركة سياسية، و بعضها الآخر منتهي الصلاحية التاريخية. وهذا جهد فكري في معركة فكرية 
هذان شرطان أساسيان قبليان ،وهما فرض عين وليس فرض كفاية لكل خطاب فلسفي يريد أن يكون أصيلا وعصريا وعقلانيا ونقديا .
ا.

1 commentaire:

  1. Borgata Hotel Casino & Spa - Mapyro
    Borgata Hotel Casino & Spa 광명 출장마사지 · BORGATA HOTEL CASINO & SPA · 1 Borgata Way · 2 Atlantic City NJ 08401. Directions · (609) 통영 출장마사지 317-1000. Call Now · More 태백 출장마사지 Info. Hours, Accepts Credit 순천 출장안마 Cards, Parking 광양 출장마사지

    RépondreSupprimer