vendredi 14 octobre 2011

العرب : من بناء مساجد الجكارة إلى هدم كنائس النصارى



   
كان سدنة الأصنام في مكة  يقفون بجوارها بلباسهم الأنيق والجميل،   يقومون  بسرد تاريخ كل صنم بشكل بديع  وجميل  ويقصون أحسن القصص  كنوع من جذب المصلين للصنم وإقناعهم بألوهيته .
لقد جعلوا  من المحفل الديني مناسبة فكرية  وثقافية، فطوروا الخطابة وفن الإلقاء وارتقى البيان العربي وقيمه الجمالية و الفنية ،  مستندين في ذلك  على فطرة العربي في ألحكي و السرد  التي تعد جزء من نسيج  الوجدان العربي،   لهذا قيل عبقرية العرب  في لسانهم ..
لقد ذكرني بالعرب الأموات، الأحياء منهم . وما نشهده هذه الأيام  من ممارسات بشعة بلغت حد تهديم المعابد  فوق رؤوس أتباعها.  ممارسات يحلو للبعض وصفها  بالجاهلية . وهي تسمية  أيديولوجية وليس معرفية . 
إن عرب ما فبل الإسلام  الذين أبدعوا المعلقات ،  وأبدعوا نصا حضاريا به ومعه أصبحوا من صناع التاريخ وسادته، لم يشيدوا أصنام الجكارة ولا هدموا معابد اليهود و النصارى  الذين كانوا جزءا من  نسيج جزيرة العرب .   
 لا أتوقف عند العرب العاربة ولا عند العرب المستعربة . ولا  عرب تايوان  و الشعوب الخشنة  التي أصبح   دأبها وديدانها   الإساءة للمروءة العربية الأصيلة.أتوقف فقط عند مسجد الجكارة بمدينة حلب، والجكارة  هي مرادف للمفردة الجزائرية "الزكارة " إنها تحمل نفس المعنى و الدلالة.
 سمي مسجد الجكارة  من طرف العامة  لأنه ببساطة بني بمنطقة  تسكنها أغلبية مسيحية وداخل حي  لا  يسكنه مسلم واحد، وسكانه جميعهم مسيحيون .  وإمعانا في  الجكارة و الاستفزاز   بني المسجد بين  كنيستين  وبأربعة مآذن  وكل مئذنة  زودت بمجموعة من الأبواق تهز  جدران الكنائس عند انطلاق صوتها .  وعند  آذان الفجر،  الذي لا يحظره  أحد  ،و بمآذنه الأربعة و أبواقها المدونة   يستيقظ الأطفال الصغار قبل الكبار  مذعورين حائفين .
 و المسجد اسمه  الحقيقي مسجد التوحيد ، وهذه التسمية ليست صدفة أيضا، فهي تفوح منها رائحة الطائفية في إشارة واضحة لدين عيسى الذي يقوم على التثليث والتجسيد، عكس دين محمد الذي يقوم على التنزيه والتعالي و الوحدانية الصارمة.
أما  في الشقيقة مصر  لقد  أصبح هدم  كنائس "النصارى" هواية  إخوانية  ودعاية انتخابية  ولعبة مخابراتية . ولما  يتحرك المسيحيون لحماية دينهم ومعابدهم  و مطالبين ببعض الحقوق  وليس كلها ، فالتهمة جاهزة ومعروفة ، العمالة والخيانة  و الاستقواء  بالخارج .و لما نقول للأشقاء أن الاستقواء بالخارج نتيجة منطقية لهشاشة البنيان الذي لم يعد مرصوصا  ولم يعد يشد بعضه بعضا . عند هذه   النقطة تبدأ تدور الأسطوانة المشروخة، أسطوانة، عنصري الأمة. التي تكشف عن ضعف علمي قبل الأيديولوجي،  تكشف غياب الفهم  العلمي لكيفية تشكل الأمة وهي ظاهرة سوسيولوجية معقدة .
وفي هذا المقام فإن الحديث عن عنصري الأمة ، تعبير صريح عن أزمة وليس علامة على وضع صحي كما يعتقد البعض. إنه يعني، فيما يعني، أن مصر بتاريخها العريق وثقلها الثقافي و الحضاري عجزت عن تحقيق الاندماج القومي الذي يعد شرطا لبناء الدولة العصرية.
هل سمعنا أي أمريكي يتحدث عن عنصري الأمة أو عناصر الأمة عن الشعب الأمريكي الذي يعد شعبا لقيطا بالمعنى التاريخي، لأن أمريكا استطاعت أن تحقق الاندماج القومي في ظل دولة المواطنين و المواطنة. أما نحن لازلنا رعايا وليس مواطنين.
أما كيف نتحول من وضع الرعية و الرعايا، إلى وضع المواطنين والمواطنة. فذاك يحتاج إلى سيف حاد يقطع، بلا رحمة ولا شفقة، جميع الشرايين الميتة فينا وهي كثيرة وكثيرة جدا ، لكن دون أن يمتد ذلك السيف إلى شرايين القلب النابضة . وهذا يحتاج إلى جراحين مهرة، جراحين يتعاملون مع هذا الجسد العربي الجريح بحب وعشق.     



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire