mercredi 5 octobre 2011

أنا و المخابرات السورية، أو لما نعتوني ب" أخو الشرموطة "



في يوم  في شهر في سنة، وبالضبط في شهر جوان سنة  83 في ذكرى هزيمة 67 ،  على الساعة التاسعة مساء  بقاعة سينما الكندي التي تجاور  مقهى الهافانا  العريق  الذي يتوسط مدينة دمشق.
 كانت قاعة سينما  الكندي  تعرض أسبوعيا، كل  يوم ثلاثاء مساء،  فيلما سياسيا . يحضره جمهور معين، مثقفون وإعلاميون وطلبة الجامعة.  وبمناسبة ذكرى ذلك اليوم المشئوم عُرض الفيلم العربي «وقُيدت ضد مجهول" الذي يتناول هزيمة 67  ، التي تسميها الأنظمة العربية " النكسة " لكن الفيلم تناولها  بأسلوب مختلف ومعالجة مغايرة عما كانت تروجه الأنظمة العربية وكتبتها الذين  كانوا  يصورون الهزيمة بوصفها مؤامرة إمبريالية صهيونية  ورجعية عربية.
وأنا أتابع الفيلم باهتمام وتركيز، فجأة توقف العرض وخيم ظلام دامس على القاعة، ظننته للوهلة الأولى عطلا فنيا.لكن بعد حين بدأت أسمع  هرولة وخطوات سريعة من كل الجهات مصحوبة بضجيج سلاح. إذن ليس عطلا فنيا، إنه  وقع الأقدام الخشنة ، إنها حركة  مسلحة وفي جنح الظلام.
ساورتني الكثير من  التوجسات  وتوقعت سيناريوهات،  مصحوبة بقلق وخوف .لأن الصراع في تلك الفترة  بين النظام  و الإخوان  المسلمين كان في ذروته  . كدت أكون احد ضحاياه  في تفجير الأزبكية  بشارع بغداد، بيني وبينه دقائق معدودات لولا الصدفة ،أو القضاء و القدر، لكنت من الهالكين ومعي صديق جزائري  . لقد راح ضحية ذلك التفجير لمقر المخابرات أكثر من 300  ضحية معظمهم من المارة .كما كنت شاهدا على  مذبحة حماة التي وقعت قبل سنة وبالضبط في شهر فيفري 82 ، راح ضحيتها في ليلة واحدة الآلاف من الأبرياء و بعض التقديرات تقول 35 ألفا ،  جعلت الضمير العالمي  يتحرك ضد   تلك المجزرة الرهيبة لبشاعتها  وفظاعتها .
كما كنت شاهدا على ذلك الأستاذ الجامعي ، يرد على منظمات  حقوق الإنسان و الضمير العالمي،   ومن على مدرجات جامعة دمشق قائلا وبالحرف " شو خصو العالم ،حماة بلدنا  و أحنا أحرار فيها بدنا سويها أوتوستراد "
. يبدو أن الزمن أثناء لحظات الخوف و القلق يصبح عدو الإنسان.لأنه في لمحة بصر وبشكل مكثف ومدهش وضع أمامي ،وفي ثوان ،شريط الأحداث و الوقائع  مما ضاعف من خوفي وقلقي،  فشعرت برعب كبير خشية أن نصبح ضحية استقطاب المتصارعين.
 وأنا هكذا و في حيرة من  أمري وخوفي وقلقي وتوجساتي، أنيرت القاعة بعدما حوصرت  من جميع الجهات  كانوا  أربعة مجموعات:  اثنتان  على  يمين القاعة ويسارها  و الثالثة تحاصر مخرج القاعة  ، أما الرابعة  فكانت تقف على الركح  في وجه الشاشة وكلهم مصوبين رشاشاتهم نحو القاعة . وقد تبين لاحقا أن القاعة كانت محاصرة  أيضا من الخارج.
كان المسلحون يرتدون بدلة " الجيش العربي السوري   "  لقد شعرت بشيء  من  الاطمئنان . ذلك يعني في مثل هذه الحالات  أنهم جاءوا   يبحثون عن مطلوبين . أنا جزائري شاهد على الصراع لكنني لست طرفا فيه  .
بعد حصار القاعة  دخل أربعة بلباس مدني  ثلاثة منهم مسلحين برشاشات  يتقدمهم رابعهم يضع مسدسا على خصره  ويبدو هو المسئول  عن عملية الاقتحام  لأنه وحده يتحدث ووحده يشتم  ولما دخل دشن دخوله بشتمنا  جميعا قال " ولا واحد يترك من مكانه عرصات "  أي و الله العظيم هكذا  نعتنا،  عرصات.     لقد ألمتني كثيرا لكن"بلعتها وسكت" إنه حكم القوي  كما يقول أشقاؤنا المصريون.
بعدها بدأ  يحدق في الحاضرين فوقعت عيناه على فريسته  فسحبها بعنف من ذراعها  حتى سقطت على الأرض ثم سحلها بلا رحمة ولا شفقة .لقد كانت فتاة  في بداية العشرينيات و نحيفة جدا. "  وهو يقوم بعمله البطولي نظر إلينا وشتمنا مرة  أخرى. بعدما لاحظ  أننا نتابع مجريات الأحداث من "تحت لتحت"
 لكن الشتيمة في المرة  الثانية  كانت مركبة ومن الوزن الثقيل  فقال " كل واحد ينظر  أمامه  عرصات أخوة الشرموطة " .لقد  دخلنا القاعة ونحن ناس محترمين وخرجنا منها ونحن مجرد عرصات و أخوة الشرموطة .
وبعد يومين تقريبا  علمت أن  تلك   الشابة النحيفة التي خصص  لها الجيش العربي السوري وقواته المسلحة  فرقة  بكاملها من قوات  التدخل السريع ، وحاصر  وسط مدينة دمشق من اجل إلقاء القبض عليها  بتهمة توزيع مناشير حزب العمل  الشيوعي  كانت ،طالبة بالسنة الثانية  بكلية الطب .


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire