vendredi 28 octobre 2011

هيكل: يرحّل التاريخ سرا في قطار الربيع العربي.



                                                
       
التاريخ لا يركب القطار، ولا يسافر ولا يملك جواز سفر، ، لأن الناس تسافر إلى التاريخ  ولا يسافر إليها .لكن الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل  في مقابلته الأخيرة مع جريدة الأهرام .حول الراهن  العربي وآفاق المستقبل. يعكس القاعدة و يخالف التاريخ وقوانينه الصارمة.
 ولأنه كاتب كبير يعلم أن  الوقوف  على شرفة الحاضر و الإطلالة  على آفاق المستقبل يتطلب العودة إلى الماضي من اجل التأسيس و إعادة  القراءة  لفهم  الراهن و التبشير بالمستقبل .
لكن الفلاسفة   الألمان الذين قدّموا للبشرية أعظم النظريات في فلسفة التاريخ   حذرونا شديد الحذر من القراءات المغلوطة للتاريخ لهذا تركوا لنا وصية تقول: من يرمي الماضي بحصى يقصفه المستقبل بالمدافع
 الكاتب الكبير لا يولي أهمية  لهذه  الوصية  ولا يكتفي برمي الماضي بحصى ، بل يدك الماضي و الحاضر  بقصف مدفعي مكثف يجعله يرى تاريخ العرب المعاصر مجرد انتقال  من سايكس بيكو  القديم  إلى سايكس بيكو جديد ، مجرد استبدال الخرائط القديمة بأخرى جديدة بمواصفات جديدة.  وبناء عليه « ما نراه الآن ليس الربيع العربي تهب نسماته علي المنطقة, وليس مجرد عاصفة تقتحم أجواءه برياحها وغبارها وعتمتها, إنما هو إزاحة وتصفية وكنس بقايا مشروع نظام عربي. ما نراه مشروع قومي يتهاوى.
هكذا يختزل الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل الربيع  العربي ، إنه سايكس بيكو جديد  وجغرافيا جديدة  وجثة عربية  هامدة .  إنها الفكرة المركزية و المحورية في المقابلة، إنها الرسالة المشفرة التي يريد أن يوصلها لنا من خلال مقابلته مع الأهرام. ومن يفك رموزها يجدها تقول أن صاحبه جمال عبد الناصر لم يهزم في 67 إنما أنتم الأجيال العربية الجديدة من تقودون الهزيمة وتبيعون الأوطان في مزاد علني
ورغم ذلك لا نستعجل ونطلق الأحكام الجاهزة وربما المغرضة، قد تكون للرجل مسوغات ومستندات. لكن قبل ذلك  وحتى نحسن الفهم  ولا نتسرع نتساءل ،عن أي مشروع قومي يتحدث  هيكل ،ألم يسقط مع هزيمة  67  ،ألم يصل ركعتين ،وقتها ،الشيخ   شعراوي  على روح المشروع القومي  شاكرا ربه   على هزيمة القوميين والشيوعيين  والماركسيين و البعثيين و الديمقراطيين والعلمانيين الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم . ألم ينشأ بعد الهزيمة مباشرة  سنة 68 الحلف الإسلامي بقيادة  أعتى  رجعية عربية  .  ألم تتوال سلسلة من الانقلابات العسكرية بإيعاز من أجهزة المخابرات الأمريكية.
لكن الكاتب الكبير، وهو  المنظّر  لتلك المرحلة   ومؤلف أدبياتها و  منطلقاتها  النظرية  ،ممثلة في "الميثاق" و"فلسفة الثورة " يرد على تساؤلاتنا  " كل المشروعات التاريخية ألكبرى، وفيها المشروع الأمريكي وفيها المشروع الأوروبي وفيها المشروع الآسيوي وغيرها خاضت الحروب, وتلقت الضربات, وتحملت النكسات,لكن مشروعاتها   بقيت"
مرة أخرى نساير منطق هيكل ونتساءل ماذا بقى من المشروع القومي المهزوم، والأهم من كل ذلك ما هي نتائجه القومية؟  يجيب هيكل بكل وضوح و بثقة كاملة « إن المشروع العربي ذاته بعد ضربة67 استعاد إرادته وقدراته, وخاض معركة سنة1973,
 في حدود ما نعلم الحروب تقاس بنتائجها السياسية وحرب 73 على عظمتها انتهت إلى التسوية، نقيض   المشروع القومي التحرري الذي يتحدث عنه هيكل. ذروتها كانت الردة    الساداتية  على كل ما هو قومي وتحرري، تراثا ورموزا . بدءاً بضرب القطاع العام وانتهاء بالتحالف مع القوى الأصولية التي عبّدت الطريق إلى الاستبداد و الفساد   حولت مصر ومن ورائها الأمة العربية   إلى مزرعة واسعة   يتوارثها الأبناء بعد الآباء.
أما ما نشهده الآن من حراك سياسي تقوده أجيالا عربية جديدة  إنما هي انقلاب جذري على الردة ، انقلاب على الاستبداد السياسي  والفساد المالي  و التهميش  الاجتماعي  .  فهي ليست استمرارا لمشاريع التسوية والاستسلام كما حاول أن يوهمنا الكاتب الكبير،
وإذا وجد من سماه ربيعا عربيا  تفاؤلا  فالجميع يعلم أن الربيع العربي محفوف بمخاطر كبيرة داخلية وخارجية   فلم أسمع  أحدا قال  أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا من الحسن حتى كاد أن يتكلما ، الجميع يعلم  أن  المخاض عسير جدا والولادة أعسر .و إذا كان للاستعمار إستراتجيته فللشعوب العربية حساباتها   . سمع





Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire