vendredi 18 novembre 2011

. .شاهدت علياء عارية





                                                                                      
 في مشهد من مسرحية  قديمة بطولة الثنائي فؤاد المهندس وشويكار  باغتت شويكار فؤاد المهندس متلبسا يتفرج على صور  بورنو   فهزأت  منه قائلة : مش عيب عليك  بعد خمسين سنة ولسّ نظري .           
 لكن بعد الضجة التي رافقت صورة الشابة المصرية  وهي عارية بدا لي أن فؤاد المهندس لم يكن وحده  نظري  إنما  الأمة العربية  بكاملها لسّ نظري.                                                                 
 وحتى لا يقع التباس أو تأويل، فأنا لا أناقش هل يجوز أو لا يجوز للشابة علياء أن تظهر أو لا تظهر عارية  لأن ذلك يعد حكم معياري .كما يعد شأن خاص  لأن الجسد ملك لصاحبه ولا سلطة لأحد عليه  إلا صاحبه ، يتصرف فيه ويتمتع به كما يشاء  وكيفما يشاء و بأي طريقة يشاء ويمنحه لم يشاء و يمنعه عمن  يشاء .                                                                                                            
 لكن بعدما شاهد  الصورة تساءلت مع نفسي ما هو الجديد الذي قدمته بموقفها ذلك ،وما هي الرسالة التي تريد أن توصلها لنا .ومن الآخر كما يقول الأشقاء في مصر، لم أجد جديدا في موقفها و لا إبداعا في صورتها ولا قيمة لتصرفها ولا مضمون لرسالتها.                                                          
 إن ما أقدمت عليه قديم بكل المعايير فهو ينتمي إلى القرن التاسع عشر منذ انتصار مشروع الحداثة  الذي جعل الإنسان حور الكون و القيمة المطلقة في الوجود  بعدما رفع عنه جميع ألوان وأنواع الاستلاب   وتجلياته المختلفة . ولقد عكس الأدب و الفن في القرن التاسع عشر صورة الإنسان الجديد المتحرر من الماضي وأغلاله                                                                                                  
 وهذا جعلني أقف حارا  أمام نصوص  أدبية عربية نالت شهرة عالمية  لمجرد  كونها أقحمت مشاهد جنسية وشذوذ جنسي مثلما هو الشأن مع رواية عمارة يعقوبيان و رواية  شيكاغو.
 لقد فتشت عن الجانب الإبداعي فلم أجد إلا محاكاة لقيم أنجزتها القرون الماضية الأوربية والعربية على السواء .
لقد تناولها منذ القرن التاسع عشر نص روائي  كلاسيكي مؤسس " مادام بوفاري"  الذي اتهم صاحبه  فلوبير   وحوكم بتهمة  نشر الرذيلة  والتعدي على الدين و التقاليد  وقيم المجتمع  و الأخلاق العامة كما نجدها في  نصوص فقيه مثل الشيخ السيوطي  على سبيل المثال لا الحصر  وهو يفتي في قضية مثل" الغنج " التي يصف فيها العلاقة   الحميمية  الخاصة جدا ويصف حركاتها ومفرداتها   تكشف أن اللاحقين من الكتاب لم يضيفوا جديدا .
 لهذا دائما أشبّه الإبداع  بالموت الذي يأتي للإنسان مرة واحدة وليس مرتين ،كذلك شأن  الإبداع في الموضوع الواحد يكون مرة واحدة وليس مرتين . الطائرة اخترعت مرة واحد وما تلاها هو محاكاة وتحسين وتطوير، لكن بالتأكيد ليس إبداعا .وهذا ينسحب على موضوع الجنس حتى لو اجتمعت النصوص و الصور فلن تضيف له جديدا ،و لن ترقى مجتمعة،مهما بلغت دقة الوصف،إلى لقطة واحدة أو مشهد واحد  من فيلم بورنو.  الذي يجمع كل الباحثين أن نسبة مشاهدتها في الوطن العربي هي أعلى نسبة بين الأمم.كما أن نسبة الدعارة هي الأخرى منتشرة وبشكل ملفت .وهناك ظاهرة أخرى منتشرة وبشكل كثيف  في أوساط الطبقة الوسطى وهي ظاهرة العشيقة  التي أسهمت في  انتشارها  ظاهرة  العنوسة وهي بالملايين في الوطن العربي.  مما يجيز القول أن  هناك "بحبوحة " ولا  يوجد شح  أو"ندرة "في المسألة الجنسية .
هنا ينشأ سؤال جوهري يقول إذن  لماذا هذه الضجة الكبيرة  حول علياء وأين هي صورتها بين تلك الصور  الجنسية  المنتشرة في أرجاء الوطن العربي  وأمام هذا المشهد الجنسي العربي.
 الجواب في تقدير  وكما يبدو لي سهل وبسيط وبديهي يقول  أن تلك الشابة العربيةأعادت ترتيب  ذلك النداء  الموجود عند كل  إنسان فينا، نداء الجسد ، ونداء المجتمع .
 كل إنسان عربي  يحمل بداخله  ندائين ، نداء الجسد  ونداء   المجتمع ، البعض منا يستسلم لنداء المجتمع  ويمارس سراء  نداء الجسد وما يترتب عنه من  مظاهر عفة زائفة وسلوك مغشوش وخداع الذات قبل الآخر .و البعض الأخر ،وهو قليل ونادر ومنه علياء، يلبي نداء الجسد ويحقق ذاته ولا يلتفت لضجيج للمجتمع واكراهاته التي لا تنتهي و لا تتوقف ولا تعرف حدودا .
وقيل لي والعهدة على  المتفلسفين  أن  مشروع الحداثة لم يبدأ مع كانط ، إنما من لحظة تأكيد  الذات مع  ديكارت  الذي قال ، أنا  أفكر إذن أنا موجود .وفي رواية فلسفية  أخرى  ،أكدت وزادت وقالت أن الحداثة استكملت  أبعادها مع  الفلسفة  الوجودية  التي ترى جوهر الوجود ، الحرية التي تؤكد نفسها في مقابل " الآخرين "  الذين قال عنهم  سارتر " الآخرون هم  الجحيم .
.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire