lundi 10 juin 2013

بين الطلاق و الانفصال فوارق حضارية




الصحافة الأوروبية في تعليقها  على طلاق الرئيس الروسي بوتين  لزوجته  استعملت مفردة الانفصال ،فقالت بوتين و زوجته انفصلا، بينما الصحافة العربية استعملت مفردة الطلاق فقالت بوتين طلق زوجته. هذه المفردات ليست مترادفات لغوية إنما تفصح عن اختلاف كبير حد التقابل بين الثقافات و الحضارات.
إن مفردة الانفصال التي عبرت بها الصحافة الأوروبية لها مدلول يختلف عن مفردة الطلاق فهي تكشف عن ذهنية أخري مغايرة ،ذهنية تنطلق من المساواة بين الرجل و المرأة ، مساواة في الحقوق و الواجبات حتى  في مسألة الطلاق التي تكون اختيارا مشتركا بين الرجل و المرأة.
بدون أدنى شك ، قد يكون الطلاق رغبة أحد الطرفين لكن الحديث  في هذا المقام عن أسلوب و طريقة الطلاق الذي يأخذ شكلا ومظهرا، إن صح التعبير، حضاريا ديمقراطيا وشفافا.
أما الطلاق أو مفردة الطلاق فهي تنطلق من فكرة الأدنى و الأعلى التي تفصح عن الذهنية الذكورية وثقافتها المسيطرة ،فالمتعارف عليه في الثقافة العربية الإسلامية أن الطلاق يكون من جانب واحد ، من طرف الأعلى نحو الأدنى من الرجل إلى المرأة. و بسب هذه الوضعية الاجتماعية عادة ما يكون الطلاق ، ليس فقط غير ديمقراطي و غير شفاف بل غالبا ما يسوده الظلم و الإجحاف فينتهي في غالب الأحيان إلى ما يشبه  الدراما الإلهية ،كما تسوده الفضايح الأخلاقية والعداوات الاجتماعية  حتى بين العائلة الواحدة . بعدها تبدأ  الفضايح  و "المعايرة" وكشف الأسرار مثل تلك  السيدة  الجامعية و المثقفة وحاملة لقب دكتوراه  التي راحت تفضح زوجها على أعمدة  الصحف وذلك  بعد عقدين من الزواج .ومن المضحكات المبكيات أنها بررت  طلاقها بأسباب مضحكة ، تضحك الصغار قبل  الكبار.
هذه الذهنية كرستها الثقافة العربية الإسلامية التي تعطي "حق الامتياز " للرجل .وإذا توقفنا عند بعض المحطات التاريخية  نجد الخليفة علي بن أبي طالب وهو أكثر الخلفاء ثقافة وأعمقهم فكرا  وأكثرهم حكمة ،و من أطلع  على  نهج البلاغة يدرك ذلك ،لكن وفي نهج البلاغة لما يصل إلى المرأة يقول" المرأة شر كلها، وشر ما فيها أنه لابد منها. علما أن عليا كان زوج فاطمة الزهراء بنت رسول الله. وإذا سايرنا الخليفة علي  ابن أبي طالب في منطقه فإن المرأة شر حتى لو كانت فاطمة بنت رسول الله.
حتى الفيلسوف و المفكر و الفقيه الماوردي وهو  يعدد الخصال التي يجب أن تتوفر في الزوجة  فهو لا يذكر مزايا إنما يؤكد على ما يحب  أنت كون عليه المرأة من دونية  حتى لا تكون أعلى من  الرجال .يقول الماوردي : ينبغي أن تكون المرأة دون الرجل بأربع  وإلا استحقرته ، بالسن والطول و المال و الحسب .
أما الحجاج بن يوسف الثقافي فلم يكلف نفسه بل أرسل أحد أعوانه إلى زوجته هند وقال له طلقها بكلمتين فمضى إليها وقال لها : كنت فبنت. لكن هند" ما كانتش وحدة معصب رأسها  ولابسة جبة ودايرة قردون" لقد كانت هند بنت أسماء، فحلة وعربية أصيلة  و"أخت رجال" كما يقول أهل الشام  فأجابته إجابة  ظل يتوارثها أحفادها جيلا وراء جيل ،قائلة: كنا فما حمدنا وبنّا فما ندمنا .
 



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire