mercredi 26 juin 2013

" الدنيا الحلوفة بنت الحلوف" أو قيمنا وقيمهم


 

أمس الاثنين قطعت مسافة ألف (1000)كلم بين الذهاب و الإياب جنوبا نحو مدينة بسكرة. 
كان ذلك من أجل المشاركة في تشيع أحد الأقارب إلى مثواه الأخير.وصلت مدينة بسكرة قبيل العصر لأن أهل مدينة بسكرة يودعون موتاهم بعد صلاة العصر، وهذا يعود إلى طبيعة المنطقة الحارة ،عكس سكان أهل الشمال الذين يدفنون موتاهم عادة بعد صلاة الظهر .
لم أكن الوحيد الذي قطع هذه الرحلة الطويلة، بل عشرات مثلي قطعوها بسياراتهم ومنهم من جاء بوسائط أخرى مثل الحافلة أو سيارة الأجرة . التقى الجميع في بيت الفقيد استعدادا لنقله إلى المقبرة. لقد تصادفت مع البعض من أهل القرية ،لم التق بهم منذ فترة. كان اللقاء صادقا وحميميا وكان الجميع يسأل عن أحوال الجميع بصدق و ود ، هذا يصافح ذاك بحرارة كبيرة وآخر يسأل قريبه عن صحة قريب ثالث ،وآخر يعاتب آخر عن عدم السؤال عنه
لقد كانت لحظات تعبر بصدق عن حرارة التضامن الإنساني، ما جعل المناسبة تتحول إلى فرصة لتجديد وتعزيز صلة الرحم و القرابة و النسب وتسهم في تعزيز التماسك الاجتماعي بين أهل قريتي.
بعد المشاركة في التشييع،كان ذلك حوالي السادسة مساء ، الجميع عاد من حيث أتى، وأثناء التوديع والافتراق كان الجميع يوصي الجميع تبليغ السلام  إلى بقية الأهل ،بخاصة إلى الأمهات اللائي  تحولن في هذه اللحظات الإنسانية  إلى خالات ،هذا يستحلف ذاك أن يبلغ السلام إلى الحاجة خضرة  وذاك إلى خالته الحاجة  فاطمة ويطلب منها" السماح"لأنه مقصر في زيارتها  وأخر، وهو يبلغ السلام إل خالته عيشة ويعتذر عن عدم زيارتها لها يحمل المسؤولية "الدنيا الحلوفة بنت الحلوف" التي أبعدتنا  عن بعضنا وقطعت صلة الرحم  وهي على وشك أن تحولنا إلى كفار الذين لا يصلون الأرحام .
وأنا أيضا طالبوني أن ابلغ والدتي الحاجة خديجة  السلام الحار  ويتمنون لها طول العمر والصحة و العافية كما كان  الجميع  بخاصة كبار السن  يرددون  نفس العبرات  وكأنها لازمة ، كانوا يطالبوني بالاعتناء بالوالدة لأنها" خسرت  عمرها عليك و رباتك وكبراتك   وقراتك ورجعاتك راجل و وليتك دكتور في الجامعة " .  

تعودنا أن نقول ،قد يسأل سائل، ولا نقول قد تسأل سائلة لأننا أبناء ثقافة ذكورية
أنا اليوم أشذ عن القاعدة وأقول قد تسأل سائلة أين نحن من العنوان ؟ أي قيمنا و قيمهم ؟ 
وأنا جالس في وسط المعزين الذين جاءوا من كل فج عميق وقطعوا مسافات طويلة وبعيدة حبا وطواعية لمشاركة أهل الفقيد حزنهم ومواساتهم في فقيدهم ، وأنا جالس  في وسط هذا المشهد الإنساني النبيل الذي غابت فيه المصالح و الفوارق الاجتماعية و الطبقية ،التفي الجميع على الحب و الوفاء  وصدق المشاعر الإنسانية وأظهر الإنسان أجمل ما فيه ولم بعد هناك فرق بين الطبيب و المهندس والأستاذ الجامعي و الفلاح و الموظف البسيط غابت جميع النعوت و الأوصاف، لم يعد هناك فرق بين "الميلود  "  ذلك الفلاح البسيط  الذي قدم من القرية  وبين ذاك المدير العام  لأكبر مؤسسة مالية على مستوى الجمهورية.
وأنا جالس أتأمل هذا المشهد الإنساني الرائع  الذي شحذه الإسلام ،هذا الدين الرائع  والجميل، بكل المعاني و القيم الإنسانية الذي يقوم على صلة الرحم وتعزيز روح الجماعة .في هذه اللحظة تذكرت      حكاية رواها لي صدق وزميل متخرج من الولايات المتحدة الأمريكية عن أحد أساتذته الذي كان يتهيأ لحضور ندوة فكرية ببريطانيا وفي أخر لحظة وهو على وشك أن يقل الطائرة وصلته برقية تفيد بوفاة أخ له . الأستاذ اتصل بشركة خاصة بدفن الموتى وطلب منها أن تتكفل بأخيه ثم حمل محفظته وحقيبته وتوجه إلى المطار نحو بريطانيا 

1 commentaire:

  1. ياسلام وقد عرفت المكان وفهمت الفرنساوي الذي درسته 8 سنوات، 4 في الثانوي و4 في الجامعة وكنت فخورة بضعفي الشديد فيه ذلك الضعف الذي لم يمنعني من فهم تعليمات التعليق! تحياتي من القاهرة وهي مولّعة! بس أنا عندي في الشرفة زرعة ورد بلدي طرحت وردتين، وهكذا الدنيا ليست دائما بنت كلب ياسي محمّد! الحمد لله

    RépondreSupprimer